توجهت أنا وبرونو إلى بلجيكا لأول مرة في مطلع الصيف الماضي وذلك في زيارة استغرقت ٤ أيام. تقع بلجيكا في غرب أوروبا وتحدها من الجهة الجنوبية فرنسا ومن الجهة الشمالية هولندا وترتبط ببريطانيا عن طريق البحر. كنا نشعر أنا وبرونو بالملل من السفر بالطائرة فقررنا أن نسافر بالقطار. يفصل بحر الشمال بريطانيا عن الدول الأوروبية ولذلك فإن السفر على متن القطار يتم عبر شركة اليوروستار والذي يعبر من نفق بحري ليربط بريطانيا بالدول الأوروبية.
كانت الرحلة عن طريق اليوروستار مريحة للغاية حيث ركبنا القطار في وسط لندن ووصلنا إلى بلجيكا بعد العبور من النفق وفرنسا. ونزلنا في العاشرة والنصف صباحا في المحطة الرئيسية في مدينة بروكسل التي ليس مجرد عاصمة بلجيكا بل هي تعتبر عاصمة الاتحاد الأوروبي أيضا.
كان ينتظرنا صديقنا في محطة القطار والذي يعيش في بروكسل وعرض علينا بأن نذهب سيرا على الأقدام إلى الفندق الذي يقع في جزء آخر للمدينة. وشرح لنا الصديق بأن بروكسل تضم مجتمعات تتحدث باللغة الهولندية والفرنسية.
تمثال المانيكان بيس
في الوقت الذي لم يفصلنا إلا القليل عن الساحة الرئيسية في المدينة رأينا حشدا كبيرا من السياح الذين يحملون كاميرات وهم يقفون في زاوية من الشارع. وقفنا هناك لننضم إلى السياح ونقوم بتصوير تمثال "المانيكان بيس" وهو أشهر معالم بلجيكا.
التمثال عبارة عن طفل صغير يتبول في حوض نافورة. قد يبدو الأمر مستغربا بأنه كيف تحول هذا التمثال إلى أحدى معالم بلجيكا ولكنه بالفعل يعتبر رمزا لمدينة بروكسل. ويحصل التمثال على أزياء في مناسبات عديدة.
غراند بلاس
تقع الساحة الكبرى (Grand Place or Grote Markt) في أكثر المناطق استقطابا للزوار في بروكسل حيث تحيط بها البنايات التاريخية ذات الهندسة المعمارية الجميلة وبعضها بنايات خاصة وأخرى عامة. وغراند بالاس ضمن المعالم التي تم إدراجها ضمن مواقع التراث العالمي ليونسكو.
القصر الملكي
واستمرينا في الطريق بعد زيارة الساحة الكبرى وتجاوزنا ساحة «de l’Empereur» ووصلنا إلى «Place Albertine » حيث تقع حديقة صغيرة وجميلة للغاية. لم تكن هذه الحديقة كبيرة ولكن مشهد الأعشاب الخضراء والأزهار ذات الألوان الزاهية يشد انتباهك ولا تستطيع تجاوزها بدون التقاط صور تذكارية هناك.
وبعد ذلك توجهنا إلى القصر الملكي (Royal Palace) حيث يعيش الملك والملكة. وكانت أبواب القصر مغلقة في وجه العموم وكان حارسان واقفين في باحة القصر. ويفتح القصر أبوابه في وجه العموم من ٢٢ يوليو حتى ٤ سبتمبر. وبما أننا قمنا بزيارة بلجيكا في نهاية مايو لم يكن بمقدورنا الانتظار لمدة شهرين هناك واكتفينا بالتقاط الصور من الأبواب المغلقة للقصر ومن ثم توجهنا إلى فندق كنا حجزناه من قبل.
مبنى برلايمونت
وضعنا حقائبنا في فندق (Thon Hotel EU) وغادرناه بعد استراحة قصيرة. لم تكن المسافة بين الفندق ومبنى برلايمونت (مقر الاتحاد الأوروبي) كبيرة ولهذا توجهنا إلى هناك سيرا على الأقدام. يجب أن أعترف لكم شيئا وهو لايمكن فعل الكثير هناك إلا التقاط الصور غير أن رؤية الأماكن التي نشاهدها في القنوات التلفزيونية عن قرب تبقى تجربة ممتعة.
أتوميوم
بعد تناول الغداء توجهنا إلى محطة مترو لزيارة مبنى "أتوميوم" (Atomium) بتصميمه المعماري الحديث. تم تصميم "أتوميوم" ليكون الجناح الرئيسي ورمزا للمعرض الدولي إكسبو ٥٨ الذي أقيم في مدينة بروكسل. وصمم هذا المبنى المهندس أندريه واتركين في ١٩٥٨.
الدخول إلى أتوميوم متاح يوميا من الساعة ١٠ صباحا إلى ٦ مساء. تأخرنا قليلا للأسف وبالتالي لم نتمكن من زيارة داخل المبنى ولكن لم يكن خيبة أملنا كبيرة لأن رؤية هذه البناية بذاتها مثيرة للغاية. وكان عدد من السياح منهمكين بالتقاط السيلفي في محيط "أتوميوم" لأنهم وصلوا متأخرين مثلنا ولم يسمح لهم بزيارة داخل المبنى.
مدينة بروج
وفي اليوم التالي، توجهنا بالقطار إلى مدينة صغيرة وسياحية تدعى بروج. كنت أتمنى زيارة هذه المدينة بعد مشاهدة فيلم "في بروج" من بطولة كولن فاريل. تم تصوير مشاهد رائعة وخيالية في هذه المدينة. لذلك، توقعنا أن تكون المدينة جميلة بطابع رومنسي ولحسن الحظ فإن بروج لم تخيب آمالنا فكانت كما توقعناها أن تكون.
توجهنا من محطة القطار إلى وسط المدينة سيرا على الأقدام ومشينا عبر الشوارع الضيقة والحجرية تحيط بها البيوت القديمة والجميلة وعبر الجسور الرائعة التي تربط بين الأنهار.
بعد فترة قصيرة وصلنا إلى الساحة الرئيسية في مدينة بروج تدعى (Grote Markt) وهي ساحة تحيط بها المطاعم والمقاهي والبارات. وكانت الساحة تكتظ بالسياح الذين جاؤوا من مختلف دول العالم لزيارة هذه الساحة. عندما يكون المكان مكتظا بالسياح فعادة يكون الطعام أقل جودة والأسعار أغلى. لذلك ابتعدنا قليلا من الساحة وتناولنا الغداء في مطعم يقع على مسافة ١٠ دقائق مشيا من الساحة فكان الجودة أفضل والأسعار أرخص.
الساحة الرئيسية لمدينة بروج وبرج Belfort Belfry
بعد تناول الغداء، توجهنا إلى الساحة الرئيسية لزيارة برج «Belfort Belfry» . يعتبر هذا البرج أهم الأماكن السياحية في بروج. كان الطابور طويلا وكنا على وشك مغادرة الطابور مرات عديدة غير أننا لم نتمكن من ذلك لأننا كنا نحب الصعود ورؤية كل المدينة من أعلى البرج. وصل دورنا أخيرا وصعدنا ٣٦٦ سلما ووصلنا إلى قمة البرج البالغ طوله ٨٣ مترا فتمكننا من رؤية مدينة بروج بأسرها من هناك.
عندما نزلنا من البرج قمنا باستئجار دراجتين وذهبنا بنزهة حول المدينة. إذا ذهبتم إلى هذه المدينة فأقترح عليكم القيام بما قمنا به.
عدنا إلى بروكسل بالقطار لأن الفندق الذي كنا نقيم فيه يقع في هذه المدينة التي تبعد عن مدينة بروج نحو ساعة واحدة وبضع دقائق بالقطار.
مدينة غنت
توجهنا في اليوم الثالث إلى مدينة غنت الواقعة بين بروكسل وبروج. غنت ثالث أكبر المدن في بلجيكا وتفصلها عن العاصمة نحو ٤٠ دقيقة. عندما غادرنا محطة القطار كانت محطة الدراجات الهوائية هائلة وملفتة للانتباه حيث كان هناك عدد لايحصى من الدراجات الهوائية هناك.
وعبرنا من وسط حديقة كيتادل (Citadel Park) الجميلة في طريقنا إلى وسط المدينة ويقع شلال صغير في الحديقة.
لاتوجد محطة لقطارات الأنفاق في مدينة غنت ولكن ذلك لايمثل مشكلة كبيرة لأنه يمكنك الوصول من الجهة إلى الجهة الأخرى في المدينة من خلال المشي على الأقدام لمدة تتراوح بين ١٥ و٢٠ دقيقة. إذا لم ترغبوا في المشي سيرا على الأقدام يمكنكم ركوب التراموي. لاتعتبر مدينة غنت من أماكن جذب السياح كثيرا وذلك خلافا لمدينة بروج وبعبارة أخرى، یمکنکم رؤية السكان المحليين وهم أكثر عددا من السياح ولذلك توجهنا إلى وسط المدينة سيرا على الأقدام للتعرف على الحياة اليومية للمواطنين. کانت الهندسة المعمارية والأبنية المعمارية والضيقة المطلة على الأنهر والجسور العديدة تذكرني بمدينة أمستردام. فتشبه مدينة غنت المدن الهولندية وهندستها المعمارية مأخوذة من الهولنديين.
تنتشر المقاهي والمطاعم في وسط المدينة فتناولنا الغداء هناك ومن ثم توجهنا إلى قلعة غراونستين )الواقعة على ضفاف نهر في وسط المدينة.Gravensteen castle)
تعتبر هذه القلعة أحدى أفضل القلاع التي زرتها حتى الآن لأنك تستطيع زيارة كافة أجزائها من خلال اتباع الطريق الذي يوصلك من ردهة إلى أخرى.
عدنا إلى بروكسل بالقطار مساء ومكثنا في العاصمة في اليوم الأخير.
البيرة والشوكولاتا والوافل والبطاطس المقلية
تشتهر بلجيكا ببيرتها والشوكولاتا والوافل والبطاطس المقلية. لاأحبذ البيرة عادة ولكنه عليك أن تجرب البيرة إذا زرت بلجيكا. قمنا بتذوق البيرة الحلوة والمرة وأدركت بأن هذه الشهرة لم تأت من عبث.
لايهم في أية مدينة كنت في بلجيكا فكل الشوارع والساحات الرئيسية تعج بمحلات بيع الشوكولاتا والوافل. اشترينا لحسن الحظ الشوكولاتا البلجيكية وجلبناها إلى لندن ولكن يا ريت كان هناك طريقة لنتمكن من نقل الوافل البلجيكي اللذيذ إلى بريطانيا.
لايمكن تجاهل البطاطس المقلية البلجيكية أيضا. كنا نطلب البطاطس المقلية إلى جانب الوجبات التي كنا نطلبها. وأنا مازلت أشتاق إلى البطاطس المقلية البلجيكية.